القائمة الرئيسية

الصفحات

العراق: الاحتجاجات المطلبية تدخل مرحلة أكثر تعقيدا

"اشتباكات عنيفة بين متظاهرين وقوات الأمن في العراق" 

العراق: الاحتجاجات المطلبية تدخل مرحلة أكثر تعقيدا

 أخد الحراك الذي بدأ قبل أسابيع في العاصمة بغداد وبالضبط في ميدان التحرير الذي يعتبر نقطة التجمع المركزية الرمزية للمتظاهرين منحى اخر خاصة بعد أن شمل الحراك جل المحافظات العراقية. وأسفر دخول القوات الخاصة في مواجهات عنيفة مع المتظاهرين عن سقوط عشرات القتلى ومئات الجرحى في الخامس والعشرين من اكتوبر المنصرم. ورغم تعهد رئيس الحكومة عادل عبد المهدي بخلق أجواء آمنة للمتظاهرين، إلا أن استمرار التظاهرات يشير الى انعدام الثقة بين الشارع والسلطات. فماهي دوافع هذه التظاهرات؟ ماهي مطالب الشارع العراقي؟ وكيف سيكون رد الحكومة؟

شهد العراق في الخامس والعشرين من اكتوبر اليوم الأكثر دموية منذ بداية الاحتجاجات المطلبية خلال المواجهات التي دارت بين المتظاهرين وقوات الأمن, حيث تدخلت مدرعات القوات الخاصة للتصدي للكم الهائل من المحتجين وأطلقوا النار الحي وسط الحشد مما أسفر عن عشرات القتلى ومئات الجرحى. وأيضا قامت السلطات بحضر التجول مدعية أنه يهدف الى ''حماية السلم العام''. وفي محاولة يائسة لقمع الاحتجاجات حجبت السلطات الوصول إلى الإنترنت في معظم أنحاء البلاد.

اسباب التظاهرات:

لقد كانت الاحتجاجات مدفوعة جزئيا بالمشاكل جراء تدهور اقتصاد العراق ونقص الوظائف والخدمات، وأيضا يعاني العراق الذي أنهكته الحروب من انقطاع للتيار الكهربائي ومياه الشرب منذ سنوات، ويحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية. وتشير تقارير رسمية إلى أنه منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من المال العام، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق. وبعد عامين من هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية يعيش العراقيون الذين يصل عددهم إلى قرابة الأربعين مليون نسمة في أوضاع متدهورة رغم الثروة النفطية التي يملكها العراق والسانحة بمحو شتي أشكال الفقر في البلاد وخلق عيش كريم للمواطن العراقي.

مطالب الشعب العراقي

المتظاهرون عازمون على مواصلة تحركهم والتي تتمثل مطالبهم في خلق فرص للشغل وتعيين الخريجين وتحسين الخدمات, وكما جاء على ألسنتهم "نطالب بكل شيء، نطالب بوطن، نشعر بأننا غرباء في بلدنا، لا دولة تعتدي على شعبها كما فعلت هذه الحكومة, نحن نتعامل بسلمية ولكنهم أطلقوا النار''. في البداية جاء هذا الحراك للمطالبة بتحسين الأوضاع الاقتصادية إلا أنه سرعان ما رفع سقف مطالبه ليصل إلى إقالة السلطات الثلاث, القصاص من قتلة المتظاهرين, ورحيل الفاسدين. وتعبيرا عن رغبتهم في رحيل الفاسدين, هتف آلاف المتظاهرين قائلين: ''لا مقتدي ولا هادي'' أي أكبر كتلتين في البرلمان 'مقتدي الصدر' ومنافسه السياسي 'هادي العامري'. وجاءت رغبة الشارع العراقي في اسقاط الحكومة إثر استخدام الجيش وقوات الأمن للعنف المفرط في حقهم.

رد الحكومة العراقية

وعدت الحكومة العراقية بتحسين فرص العمل للشباب العراقي، ووعد عبد المهدي (رئيس الحكومة العراقية) بمنح فرص للخريجين وأصدر تعليماته لوزارة النفط وهيئات حكومية أخرى لاشتراط أن يكون 50 بالمئة من العاملين من العراقيين في التعاقدات مع الشركات الأجنبية, وكانت الحكومة السابقة قد أصدرت وعودا مماثلة لتحسين الرعاية الصحية والكهرباء والماء الصالح للشرب والخدمات في العام الماضي, إلا أن أكثر ما يمكن القول عنها أنها وعود زائفة.

سارت الاحتجاجات في العراق على درب طويل نحو تحقيق مطالبها، إلا أنها قوبلت بالعنف والتصدي من طرف حكومة عبد المهدي مما أدى إلى المواجهة العنيفة بين آلاف المتظاهرين وقوات الأمن والتي راح ضحيتها إلى حد الآن أزيد من 250 شخص. فإلى أي حد يمكن للشارع العراقي الصمود لتحقيق مطالبه والمضي قدما نحو غد أفضل.

صاحب المقال: الحسن ادبشني، مدرسة الملك فهد العليا للترجمة.

تعليقات

التنقل السريع